100
مقالة د.محمد الحدب في جريدة الرأي
تاريخ الخبر:[2015-05-20]
بوادر أزمة اقتصادية خانقة تلوح في الأفق
د.محمد الحدب

الوضع الاقتصادي الأردني يمر في مرحلة صعبة يجب على الحكومة الانتباه لها بشكل حذر واعطاؤها درجة عالية من الأهمية، من خلال تشكيل لجنة يكون اعضاؤها على درجة عالية من الكفاءة ومن ذوي الاختصاص في هذا المجال ليسارعوا في تحليل أبعاد هذه المشكلة ووضع حلول بديلة على المدى القصير والطويل. هذه الحلول من الممكن أن تساعد الاقتصاد الأردني على التعافي خلال المرحلة القادمة وخصوصاً الشركات المتوسطة وصغيرة الحجم، والتي تمثل الركيزة الأساسية لتحريك العجلة الاقتصادية.البنك الدولي أشار الى أن الاقتصاد الأردني يعاني من اربع مشاكل رئيسية الّا وهي عدم الأستقرار الأمني في المنطقة، معدلات البطالة المرتفعة، الإعتماد على المساعدات المالية من دول الخليج العربي، والضغط المتنامي على الموارد الطبيعية. وأشار البنك الدولي تحديداً أن التطورات السلبية في المنطقة وخصوصاً العراق وسوريا كان وما زال لها أثر كبير على الاقتصاد الأردني، وذلك كان جلياً من خلال انخفاض ثقة المستثمرين في بيئة الاستثمار الأردنية.
على سبيل المثال الحركة التجارية مع سوريا اصبحت متوقفة بشكل نهائي ولا سيما بعد سيطرة الثوار على معبر نصيب الحدودي، المعبر البري الوحيد العامل بين الأردن وسوريا، وايضاً بعد اغلاق المنطقة الحرة الأردنية السورية المشتركة الواقعة على الحدود الشمالية بين معبري نصيب السوري و جابر الأردني. الوضع الأمني في العراق ليس بأفضل من جارتها سوريا حيث انعدام الأمن والسلم بات جزءا لا يتجزأ من الحياة اليومية للأشقاء العراقيين. العلاقات التجارية بين الأردن والعراق في تدهور مستمر، ولا سيما مع انخفاض الصادرات الأردنية الى ارقام لا تكاد تذكر مقارنة مع حجم التبادل التجاري السابق. بعض الاحصاءات الصادرة عن وزاة النقل العراقية أشارت الى انخفاض حركة النقل البري بين البلدين بنسبة 25% خلال الربع الأول من عام 2015.
وعطفاً على ما سبق، الأردن تنحصر خياراته التصديرية عن طريق البر فقط من خلال معبر العمري مع الشقيقة المملكة العربية السعودية،ومنها الى باقي دول الخليج العربي. يجب دراسة هذا البديل بشكل فوري والعمل وبما يتفق مع المثل القائل»درهم وقاية خير من قنطار علاج».  وعليه بدلاً من الأنتظار حتى تتفاقم المشكلة وتطفي بتأثيراتها السلبية على الاقتصاد الوطني، يجب وضع الحلول السريعة التي تكبح من حدتها.
ماذا على الحكومة الأردنية أن تفعل؟ اعتقد أنه يجب على الحكومة ممثلةً برئيسها دولة الدكتور عبدالله النسور رئيس مجلس الوزراء وكذلك مجلس الوزراء الموقّر القيام فوراً بتشكيل لجنة على مستوى عال من الخبرة والإختصاص لدراسة الوضع الحالي للشركات  الأردنية بمختلف قطاعاتها، ووضع حلول جراحية سريعة على المدى القصير والطويل الأجل لتجنب الوصول الى أزمة اقتصادية خانقة، باتت الكثير من مؤشراتها تطفو على السطح.
فيما يلي بعض الحلول المقترحة التي يمكن ان يؤخذ بها:
-
تشكيل وفد حكومي رفيع المستوى لزيارة دول الخليج العربي بأقرب فرصة وتوقيع بروتوكولات تجارية يتم من خلالها تسويق المنتجات الأردنية الى هذه الأسواق، وخصوصاً منتجات الشركات الأردنية التي كان يتم تصديرها بشكل كبير الى أسواق كل من العراق، سوريا، لبنان،وتركيا. هذة الأسواق اصبحت شبه مغلقة تماما أمام تصدير المنتجات الأردنية لها عن طريق المنافذ البرية.
-
البحث عن أسواق بديلة للمنتجات الأردنية في الأسواق العالمية ولاسيما أسواق أوروبا, شرق اسيا, امريكا، والقارة السوداء. هذا البديل ممكن تحقيقه من خلال الاستعانة بكادر السفارات الأردنية في تلك الدول.  حيث من الممكن ان تقوم كل سفارة بتشكيل لجنة من بعض الموظفين الأكفياء لديها، للبحث في امكانية تسويق المنتجات الأردنية، واعطاء حوافز مادية معقولة لكل لجنة يثمر عن عملها تصدير بعض المنتجات الأردنية ، تدفع هذة المكافآت من قبل الشركة التي استفادت من عملية التصدير لمنتجاتها.
-
استخدام البحرعن طريق ميناء العقبة كوسيلة لتصدير المنتجات الأردنية الى كل من العراق،  سوريا،  لبنان، وتركيا بدلاً من المناقذ البرية التي تم اغلاقها، وهو حل مؤقت سريع يمكن العمل به، لكن مع الأخذ بعين الاعتبار ان كلفة النقل البحري هي أكبر من كلفة النقل البري وذلك لعدة عوامل، لسنا في صدد الحديث عنها. وعليه فأن اعتماد هذا الخيار سيؤدي الى زيادة مصاريف المبيعات وبالتالي انخفاض هامش الربح الى أرقام غير مجدية اقتصادياً بالنسبة للشركات المصدرة، اذا ما بقيت أسعار البيع على حالها. امّا اذا ما تم زيادة اسعار البيع لتعويض الزيادة في كلفة المنتجات نتيجة لأستخدام عمليات النقل عبر البحر فأن هذا سيؤدي الى فقدان الميزة التنافسية للمنتجات الأردنية مقارنة مع المنتجات العربية والاجنبية المشابهة لها.وعليه فأن الحكومة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ايضاً النتائج المترتبة على اعتماد الموانئ البحرية كوسيلة بديلة للمنافذ البرية لنقل البضائع.فعلى سبيل المثال الحكومة اللبنانية تدرس حالياً امكانية دعم كلفة النقل البحري للصادرات اللبنانية الصناعية والزراعية لدول الخليج العربي، وخصوصاً بعد اغلاق معبر نصيب البري.
-
اجراء تخفيضات بشكل كبير على الضرائب الحكومية والرسوم الجمركية التي تفرض على صادرات المنتجات الأردنية التي تتم عملية نقلها عن طريق البحر، وذلك للمساعدة في خفض كلفة المبيعات الاجمالية وبالتالي الحفاظ ما أمكن على الميزة التنافسية للمنتجات الأردنية، من خلال أسعار البيع المقبولة للمستهلكين في الدول التي سيتم تصدير المنتجات لها.
-
الإيعاز للبنك المركزي بأعادة دراسة أسعار الفائدة السائدة فى السوق على عمليات الأقراض، للبحث في امكانية خفضها من اجل خفض كلفة الاقتراض وبالتالي فأن الشركات الأردنية، ولاسيما التي تواجه صعوبة كبيرة في تسويق منتجاتها نظراً لظروف المنطقة الحالية، تستطيع اللجوء لعمليات الأقتراض لليجاد مصدر مؤقت للتدفقات النقدية يساعدها في مواجهة التزاماتها المادية الطارئة التي لا يمكن تأجيلها. هذا بدوره سيجنب هذة الشركات عمليات الأفلاس التي ستكون أثارها كارثية على المواطن والاقتصاد الأردني. طبعاً رفع او خفض أسعار الفائدة ليس بأمر سهل ويترتب عليه عواقب كثيرة لارتباطه بالسياسة النقدية للدولة، لذلك مثل هذا الخيار يجب أن يدرس بعناية فائقة اذا ما تم اعتماده.
-
أن تقوم الحكومة بتقديم ضمانات سداد للبنوك من اجل تسهيل عمليات الاقراض للشركات الأردنية الكبرى التي تعاني من نقص الضمانات اللازمة للحصول على القروض او لخفض كلفة الأقتراض المفروضة عليها من قبل البنوك. كنا سابقاً وخلال الأزمة المالية العالمية عام 2007 قد رأينا ان عدداً من الدول قد قامت بعمليات أنقاذ لعدد من البنوك والشركات الكبرى التي كانت على وجه الانهيار، وذلك لتجنب الأثار السلبية المترتبة على الانهيار المالي لهذة الشركات. طبعاً هذا البديل يجب أن يتم وفق أسس علمية مدروسة لتحقيق الهدف المرجو منه.
-
أن تقوم هذة اللجنة بالتواصل الفوري مع جميع الشركات الأردنية للتعرف على المعضلات والمشاكل التي تواجههم، وبالتالي التركيز بشكل كبير على ايجاد حلول سريعة للمشاكل المشتركة بين هذة الشركات. الحركة الاقتصادية داخلياً تمربمرحلة ركود وبعض رؤوس الأموال بدأت عملياً بنقل اعمالها للخارج.
-
الأخذ بعين الاعتبار أن الشركات الأردنية المساهمة العامة والخاصة هي ترفد الدولة بجزء كبير من ايراداتها، وبالتي تعثر هذة الشركات سيقلل من حجم الايرادات للدولة الأردنية، والذي سيؤدي بدوره الى زيادة العجز المالي الذي اصبح كابوساً يؤرق الحكومة ليلاً نهاراً.
-
على الحكومة الأخذ بعين الاعتبار أن الشركات الأردنية تشغل الكثير من الأيدي العاملة الوطنية وبالتالي تعثر هذة الشركات سيزيد من نسبة البطالة المرتفعه بطبيعة الحال، وارتفاع نسب البطالة مثبت علمياً وعملياً أنه يؤدي الى مشاكل لا تعد ولا تحصى نذكرمنها على سبيل المثال لا الحصر خسارة مصادر الدخل بالنسبة للأفراد، خفض المتحصلات الضريبية للحكومة، والحد من النمو الاقتصادي.
الاحد 2015-05-03