أحمد بن الحسين الجعفي (أبي الطيب المتنبي)
أُسدٌ فرائسها الأسود
 
هذا الذي أبصرت منه حاضراً          مثل الذي أبصرت منه غائبا
كالبدر من حيث التفت رأيته             يهدي إلى عينيك نوراً ثاقبا
كالبحر يقذف للقريب جواهراً           جوداً ويبعث للبعيد سحائبا
كالشمس في كبد السماء وضوؤها       يغشى البلاد مشارقاً ومغاربا
سل عن شجاعته وزره مسالماً           وحذار ثم حذار منه محاربا
إن تلقه  لا تلق  إلا   جحفلاً             أو قسطلاً أو طاعناً أو ضاربا
أو هارباً  أو طالباً أو راغباً               أو راهباً أو هالكاً  أونادبا
وإذا نظرت إلى الجبال رأيتها            فوق السهول عوا سلا وقوا ضبا
وإذا نظرت إلى السهول رأيتها           تحت الجبال فوارساً وجنائبا
وعجاجةٌ ترك الحديد سوادها             زنجاً تبسم أو قذالاً شائبا
فكأنما كسي النهار بها دجى              ليل وأطلعت الرماح كواكبا
قد عسكرت معها الرزايا عسكراً        وتكتبت فيها الرجال كتائبا
أُسدٌ فرائسها الأسود يقودها              أسدٌ تصير له الأسود ثعالبا
 
2010-02-28
عودة للصفحة الرئيسية