أنطوان تشيكوف
ورقة يانصيب
 
    السيد إيفان يجلس إلى طاولة الطعام , يتناول عشائه بعد يوم عمل شاق , وبعد أن فرغ منه , تناول الصحيفة كي يتصفحها - كعادة الأزواج تقريبا- كل يوم تذكره زوجته الفاضلة والتي تشاركه حلو العيش ومره , بأن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير والذي اشترت الزوجة إحدى بطاقاته .  
العزيز إيفان رجل حاد الطباع لا يؤمن بالحظ , وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا ؟؟؟ .... غير أن الرجل على ضيق حاله قنوع وراض بدخله المتواضع.
    إيفان يسأل في غير اكتراث واضح زوجته عن رقم البطاقة , ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه ....... تناوله الزوجة البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عينه, وقد لمح أن الرقم الفائز هو لبطاقة الزوجة.......... وفي لحظات تتغير نفسية الرجل وقد غاص في أحلام أفقدته ذاته......... كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت....... يغير البيت ؟؟ ...... طبعا , وكل الأثاث ؟؟ .... بالتأكيد , ويسدد الديون المتراكمة عليه ؟؟ لا بأس ...... ولكن الباقي ما مصيره؟؟ ...... في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجديدة والجادة التي ولجها .  فجأة  يتحول السيد إيفان من ذاك الرجل القانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير , فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله إلى عالم آخر ...... ليس وحده , بل معه الأولاد وأمهم الحصيفة التي إشترت البطاقة يتوقف إيفان للحظه عن تفكيره , ليبادر زوجته في النية للسفر إلى الخارج في رحلة سياحية ,فترد عليه زوجته - ويبدو أن أحلامها هي قد اختمرت في رأسها- قائلة :- أنا أيضا أود ذلك (رجلي على  للكلام وقع الصاعقة على الرجل, قبل لحظات كان وقورا قانعا, لم يتخيل أن تطلب منه أم العيال السفر إلى الخارج, ويبدأ التساؤل – في نفسه طبعا – ماذا تريد هذه ؟؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا وأستمتع وحدي ولو لمرة ؟؟ وفي ثوان قليله تتحول الزوجة إلى شبح مزعج , عجوز لا تعرف إلا الشكوى...... ولا يشتم منها إلا رائحة المطبخ ..... لم يعد شيء يجذبه إليها..... أما هو فما زال شابا قادرا ووسيما (نوعا ما ) لا يخلو من جاذبية. 
إذا لماذا لا يتزوج من أخرى ؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى .
 
2010-02-28
عودة للصفحة الرئيسية