عامر اخو رشيده
عرار علم الاحرار
 

 بين سهول إربد الخضراء الملتفة بوشاح سندسي ، وتلالها الناهدة التي يفوح من بين اكنافها عبق التاريخ ، ولد الشاعر الأردني المشهور والوطني المخلص والقومي المفكر مصطفى صالح المصطفى التل ، وكان ميلاد هذه الشخصية الأردنية الفذة في مدينة إربد بتاريخ 25 \ايار\1897 م.

من عائلة التل هذه العائلة العريقة التي رفدت الاردن بنخبة من الادباء والكتاب والشعراء والمسئولين ، والده صالح من اقدم المتعلمين في الاردن واشتغل في سلك التعليم وتولى عدة مناصب وكان جده أول من انشأ مدرسة إبتدائية في إربد وأمه هي السيدة مريم جابر المحيلان.
ذلك الرجل الذي ابدى لبابه وفطانه منذ نعومة اظافره، مما جعله محط النظر من قبل والده ومعلميه ، وعرار هو لقب خلعه على نفسه متيمنا بعرار بن عمر الأسدي وأما لفظة وهبي التي اضيفت إلى اسمه فهي من الالقاب العثمانية التي كانت سائدة في ذلك الحين .
انهى دراسته الابتدائية في عام 1911 م ومن ثم ذهب لإكمال دراسته الثانوية في دمشق وانتسب هنالك الى مدرسة عنبر ونفي خلال دراسته مرتان الى المدرسة السلطانية في بيروت بسبب مواقفه السياسية المناوئة للدولة التركية ، ومن طرائفه أثناء دراسته في دمشق انه كان محل إعجاب لدى مدرس اللغة العربية وان هذا يوصيهم دائما على إقتناء كتب اللغة فدخل احد الايام إلى الصف فوجد مكتوبا على اللوح:
 لا تسلنا سيدي        عن كتاب في اللغة
فعرف المدرس أنها من فعل عرار فكتب
 من يدع كتب اللغة      فهو أغبى من دُغَة[1]
وقال في شبابه قصيدة يرحب بالنساء اللواتي حضرن مسرحية صلاح الدين الايوبي
زرتننا فغدا لنا     من ذي الزيارة ما يؤازر
فَبِكُنَّ غدا ندينا     يا معشر الستات زاهر
وكان عرار خلال دراسته في سوريا قد برزت شاعريته وكان يلقي البيت والبيتين ويجيش الطلبة ضد الاتراك الذين اساءوا الى الخلافة الاسلامية في نهاية عهدهم ، وكان لسانهم الشرس وصوتهم المطالب ، وقد عاد عام 1914 م الى اهله ليقضي فترة بينهم وفرا ًمن الجوع والهلاك الذي سببه اعلان جمال باشا السفاح الدخول في الحرب العالمية الاولى ، وقد قال بعض الأبيات في احد الأيام ومعدته تلوك جوعاً:
قد بكى وهبي ما الذي ابكاه     وأسال الدمع من عيناه
هو يبكي عهدا قضاه بعجلون   قريبا من اصدقاء صباه
وهو الذي أقام نظام الفتوة في سوريا وهو تدريب الطلبة على القتال وجعل المدارس اماكن للتدريب العسكري وهو نظام ما زال معمول به في القطر السوري واصبح يدرس كمنهج اسمه الثقافة العسكرية وذلك على اثر معاهدة سايكس بيكو .
 
وعاد عرار الى الاردن عام 1920 م ، وامضى حياته الوظيفية بين مدرس في التربية والتعليم وما بين عمله في وزارة الداخلية حيث عين حاكم اداري لواديالسير وللزرقاء وللشوبك ومدعي عام للسلط، ونفي العديد من المرات بسبب موقفه من السياسة البريطانية حتى سميت غرفة في سجن المحطة بإسمه وهي غرفة رقم (21) وفي عام 1930 م بدأ دراسة المحاماة واجتاز امتحان القوانين والانظمة بتفوق ومنح شهادة المحاماة وشهادة مزاولة المهنة ومن ثم درس فقه القانون وزاول المحاماة لفترة قصيرة ، وكان من الشعارات التي يعلقها في مكتبه " الطايح رايح " و" زيتون برما داشر وتعيشوا يا همل " وفوق سريره " الأردن للأردنيين " ، وأتاح وجوده في عمان فرصة الاحتكاك بالقصر الاميري واصدر الأمير عبدالله إرادته السامية بتسمية عرار رئيسا للتشريفات في الديوان الملكي وقد أعجب سموه بشاعرية عرار ولكنه كانت تغضبه تجاوزاته حتى وصفه بالتالي " انك يا مصطفى لمجموعة متناقضات تعتز بها في عيني ، الصخب والشغب والرضى بعد الغضب ، خصم الاقوياء ، رفيق الضعفاء ، كريم في فاقه ، نهاب وهاب ........فإذا كانت ناحية منك تغضب فنواح كثيرة منك أخرى ترضي "
وقال عرار حين وفاة الشريف حسين :
لانت قناتك للمنون     وقلما كانت تلين
 وعفا الحما ممن أعز  وغادر الأسد العرين


[1] دغة : هي إمراة كان العرب يضربون المثل بها في الغباء



 
2010-02-28
عودة للصفحة الرئيسية