شعر العلماء في عصري المرابطين والموحدين : (دراسة في الشكل والمضمون)

تناول هذا البحث دراسةً لبعض شعرِ علماء المرابطين والموحدين، بحسب الترتيب الزمني لتاريخ وفَيَاتهم، ناظرا فيه إلى المضامين الموضوعية، والقيم الجمالية، ومتناولا فيه دراسة فنية لمختارات من قصائد علماء المرابطين والموحدين. وهذا موضوع جدير بالاتساع في دراسته؛ فقد كان لشعر العلماء، في الدولة المرابطية فالموحدية، أثرٌ بارزٌ، ودورٌ جليٌ واضحٌ، في نمو فنون الشعر، على الساحة الأدبية، إذ صبغوها بما ألقت إليهم الأيام، من أحداث تهز الجبال، وأزمات لم تزل ظلالها تطل علينا، في ثنايا أبسط الموضوعات الشعرية التي تناولوها، مع سمو في القيم، ونبل في المقصد، وعفاف في التعبير. لهذا عنيت هذه الدراسة بالتعمق في تلك الصفحات المشرقة من شعر علماء المرابطين والموحدين، لما لهؤلاء العلماء من حظوة عظيمة، ومكانة رفيعة في الساحة العلمية والثقافية والأدبية، فكانت نافذة، نطل من خلالهاعلى تلك المجتمعات التي زخرت حياتها بالعلوم والآداب والفنون، وكان شعرهم واحدا من المقاييس الرفيعة التي أظهرت لنا طاقاتهم الفكرية والوجدانية والتعبيرية، حكت لنا سَعَةَ اطلاعهم، وحذقَهم بمعاني الشعر وفنونِه، على مدى العصور. تقوم الدراسة على مقدمة وثلاثةِ فصول وخاتمة، تناولتُ في الفصل الأول حديثاً عن ظاهرة الشعر، لدى العلماء، ممثِّلاً بنماذج، من علماء المرابطين والموحدين. وعرضتُ، في الفصل الثاني، لأبرز الموضوعات التي تناولها العلماء الشعراء، في مقطوعاتهم أو قصائدهم، مع بيان القيمة الفنية، لكل غرض تناولناه، من أغراض الشعر. وعرضت في الفصل الثالث لنماذجَ مختارة، تناولتها بدراسة فنية، باتجاهات مختلفة للدراسة الأدبية، بحسب ما تُبرزه هذه القصيدة أو تلك، من جانب فني، هو أولى بالاعتبار مما سواه، في القصائد الأخرى. وانتهت هذه الدراسة إلى بيان القيمة الفنية، لشعر علماء المرابطين والموحدين، وما أضافه نتاجهم الأدبي من معانٍ وابتكارات، طرقها العلماء، عرفَتْها أو لم تعهدها الساحة الشعرية من قبل، لما طرأ لدى العالم من أدوات معرفية جديدة، وخبرات في العلوم والمعارف، أعطت سبلا جديدة، وألوانا لم تجر على خواص الشعراء، من غير العلماء، من قبل، بل كان لهم السبق، إلى تلك المعاني في أغراض الشعر ومعانيه وفنونه.