التحكيم كوسيلة لحل منازعات العقود التجارية الدولية

تتناول هذه الرسالة الحديث عن التحكيم كوسيلة ضرورية لحل منازعات العقود التجارية الدولية، حيث تتسع دور القواعد القانونية وتتزايد تدخلات الدول في النشاطات الإجتماعية والإقتصادية لتحقيق العدالة، الأمر الذي ينعكس بدوره على تنظيم المعاملات والعقود التجارية ذات الطابع الدولي، ذلك أن طبيعة التجارة الدولية التي نشأ القانون الدولي الخاص في ظلها تتنافى مع القيود الآمرة التي قد يفرضها المشرّع باسم العدالة، ولكن بسبب حرص كبار التجار المتعاملين في الأسواق الدولية على تجنب تطبيق تلك القواعد الآمرة على نزاعاتهم، الأمر الذي يدفعهم إلى الإتفاق المسبق بعرض منازعاتهم على المحكّمين لحسمها لأنهم عادة ما يميلون إلى تطبيق القانون المختار من قبل الأطراف أو تدويل العادات والأعراف الدولية لتطبيقها عليهم. إن تسوية المنازعات التجارية ذات الطابع الدولي عن طريق التحكيم أمر في غاية الأهمية بالنسبة للواقع الدولي المعاصر، حيث أصبح من الحاجات الضرورية للجماعات الدولية، وهو دليل واضح على تحضر الجماعات الدولية، بحيث يتم اللجوء إلى التحكيم لحسم أي نزاع قانوني قد يُعرض عليهم، فهو قضاء رضائي يتم اللجوء إليه باتفاق من قبل أطراف النزاع موضوع التحكيم إمّا قبل نشوء النزاع وأثناء إبرام العقد، أو بعد نشوء النزاع وتنفيذ الإتفاق وذلك من خلال إتفاق ملحق يرتبط بالعقد الأصلي. وحيث أن المحكِّم يعمل عمل القاضي في طرق التقاضي العادية، إلّا أن سلطته في تطبيق القوانين على النزاع محل العقد هي سلطة مقيّدة بشروط، فيجب على المحكِّم أن يأخذ بعين الإعتبار عند تطبيقه لقانون ما مدى ملائمة هذا القانون للنزاع، إضافة الى ذلك على المحكِّم أن يأخذ بعين الإعتبار مبادئ وعادات وأعراف التجارة الدولية، فضلاً على أنه يجب أن يتقيد بالشروط الموضوعية والشكّلية للعملية التحكيمية، والإجراءات التي يجب اتباعها وفقاً لقانون التحكيم التجاري الدولي (الأونسترال) بما يتلائم مع قانون الدولة التي يجري فيها التحكيم، وهو ما سوف نتناوله بالتفصيل في هذه الدراسة، وذلك عن طريق تقسيمها إلى فصلين، يبحث الفصل الاول في ماهية التحكيم في العقود التجارية الدولية، في حين يتناول الفصل الثاني دور التحكيم في حل منازعات العقود التجارية الدولية. وفي النهاية توصّلت الدراسة إلى عدد من النتائج والتوصيات، أهمها أنه على الرغم من أن التحكيم التجاري الدولي يمتاز بعدد من المميزات التي تجعل منه الوسيلة الأكثر ملائمة لحسم المنازعات المتعلقة بالتجارة الدولية، إلّا أن قانون التحكيم الأردني لا يزال قاصراً في تحديد تجارية العقود والتخفيف على القضاء وطرق التقاضي العادية.