المفارقة في قصص بدر عبد الحق: دراسة أسلوبية

تقوم هذه الدراسة على تتبع ودراسة تقنية المفارقة، والتي تأخذ مكانها على ساحة الأدب العالمي، والأدب العربي خصوصا، وقد ارتكزت الدراسة على المفارقة في قصص الكاتب بدر عبد الحق. فقد اتسمت قصص الكاتب بالنضج الفني والموضوعي، واتسمت بالغموض والاستغراب والتناقض في أحداثها وشخصياتها، والتباين في اللغة ومدلولاتها، كما جاءت حافلة بالتقنيات السردية، إلا أن المفارقة كانت من التقنيات البارزة في قصص الكاتب، والتي شكلت تقنية واضحة في القصص. وتحاول هذه الدراسة على استقصاء المفارقة في قصص الكاتب، ومحاولة الوصول إلى المعنى الذي ترنو إليه، من حيث بناء الثنائيات، وبناء ثنائية مركزية داخل كل قصة وتدور حولها الأحداث وتدعمها عناصر البناء السردي؛ لتخدم طموح النص؛ ليكشف آفاقا إبداعية ودور الأدب في دعم اللغة العربية. وقد فرضت طبيعة الدراسة الاستعانة بالمنهج الأسلوبي، ونظرية القراءة، في تحليل نصوص الكاتب، متبنية منهجا نقديّا يقدم المفارقة بوصفها تقنية من التقنيات الحديثة المهمة في توظيفها داخل النصوص الأدبية وخاصة الفن القصصي. كما تعدُّ المفارقة من السمات الأسلوبية الملازمة لقصص الكاتب، وظفها انعكاسًا لتناقضات الواقع الذي تضفيه الحياة على الوجود الإنساني، فتتجلى أفكارًا وعواطف، تتمظهر في صور أدبية تعبر عن الواقع وقضاياه أمام المتلقي، في إطار تعبيري يخرق أفق توقعاته، ويثير استغرابه في إظهارها المعنى الحقيقي الذي تسعى إلى إبرازه. وتنحو هذه الدراسة منحنى نقديا، يقوم على الإحاطة بمفهوم المفارقة، وتتبع تاريخها، ومحاولة إيجاد الروابط بينها وبين مصطلحات بلاغية ونقدية عربية قديمة، وتسير الدراسة على الكشف عن أنواع المفارقة في قصص الكاتب بدر عبد الحق ودلالاتها السياسية والاجتماعية والنفسية، وتقنيات المفارقة ومنها التضاد وكسر أفق التوقع، ومبدأ الاقتصاد وازدواج الدلالة ووظائف المفارقة في القصص، فقد أدت المفارقة وظائف جمالية ورمزية وتعبيرية، بالإضافة إلى وظيفة التوازن في القصص، وجاء الفصل الثالث؛ ليوضح أثر المفارقة في بناء عناصر القصة، كالشخصيات والحدث والزمان والمكان، وآليات المفارقة كالسخرية، وثنائية الظاهر والباطن والتناقض الذي يعد من أهم آليات المفارقة.