شعريَّة الصُّورة المثال عند الشُّعراء المولَّدين في العصر العبَّاسي الأول

تتشوف البشريَّة منذ فجر التأريخ إلى تحقيق أقصى غايات الكمال الإنساني، لذلك كان الإنسان في ظل وجوده على هذه البسيطة ينزع قدر المستطاع نحو المثالية العالية التي تلبي طموحاته وتمجد إنجازاته؛ لعلمه الأكيد بأن مثل هذه المثالية لها دور كبير في بناء المجتمعات، وبما يسهم في تحقيق الازدهار في مناحي الحياة. عمدت هذه الأطروحة إلى دراسة موضوع شعرية الصورة المثال في الشعر العباسي وتحديداً في العصر الأول، وللوقوف على أبرز النماذج الشعرية المتصلة بموضوع الدراسة، ومدى تفاعل الشعراء مع نزعة التصوير المثالي في أعمالهم الإبداعية، خاصة أن هذا العصر شهد تيارات تجديدية في بناء القصيدة العربية. تقع هذه الدراسة في مقدمة وتمهيد وثلاثة فصول وخاتمة، حيث اشتملت المقدمة على عرض للموضوع وأهميته وأسئلته وتقسيمات البحث، وأخيراً أهم الدراسات السابقة. أما التمهيد فقد تناولت فيه مسألة الشعرية وأصولها الأولى، ومفهومها وملامحها الغربية والعربية حديثاً، كما تطرقت إلى مصطلح المولَّد، وأبرز الآراء التي قيلت فيه، وأخيراً حاولت أن أضع محددات معرفية لمصطلح المثالية، فبدأت بأصول هذه الكلمة من حيث اشتقاقها اللغوي، ومن ثمّ توسعت في تعريفها اصطلاحاً. وتناولت الدراسة في الفصل الأول شعرية الصورة المثال في المجال الإنساني، وفيه ثلاثة مباحث، درست فيها صورة الرجل السياسية والاجتماعية، وأيضاً صورة الرجل والمرأة أسرياً وعاطفياً. وأما الفصل الثاني، فسيدرس شعرية الصورة المثال في مجال حاجات الإنسان ومتعلقاته، وفيه ثلاثة مباحث، تناولت فيها الأطعمة والأشربة والملابس والزينة والعمران والمباني، وأخيراً أدوات السّلاح والصّيد. ويأتي الفصل الثالث ليستكنه شعرية الصورة المثال في مجال الطبيعة، وفيه ثلاثة مباحث، تناولت فيها: وصف الطبيعة الحيوانية، وصف الطبيعة النباتية، وصف الطبيعة السماوية والأرضية الجامدتين. ثم خاتمة الدراسة. وقد توصلت الدراسة إلى جملة من النتائج المهمة، إذ تبين أن شعراء العصر العباسي لم يغفلوا البتّة عن قضية المثال في صورهم الشعرية، وأنّ التجديد الذي طرأ في عصرهم، ساهم بشكل كبير في الصنعة الشعرية، فسمت صورهم، وتشكلت بألوان البديع، حتى تجدّدت شعريتها وزادت جمالياتها.