حالة التأزم النفسي عند الدعاة إلى الله في ضوء القرآن الكريم

تهدف الدراسة إلى عرض موضوع التأزم النفسي عند الدعاة إلى الله في ضوء القرآن الكريم ، وهي حالة لافتة للنظر لمن تدبر آيات الكتاب الحكيم، وقبل البدء بعرضها، كانت هناك مشكلة استدعتني للبحث من أجل الوقوف على مفهوم ( التأزم النفسي ) إذ هو مجموعة معوقات، تحول دون قيام الداعية بدوره كاملاً، الأمر الذي يشعره بالعجز في عمله، ويعيقه عن تقديمه بالمستوى المطلوب، بحيث لا يتناسب مع الجهد المبذول، مما يؤدي إلى الشعور بالعجز الكامل، بعد استنفاذ جهده، مسبباً حالة من الإنهاك والاستنزاف الانفعالي، والضيق الشديد، المهلك للنفسية والتي يمكن تعريفها بالتأزم النفسي. وتتبع أسباب هذا التأزم النفسي، ومراحله، وطرق علاجه، من خلال آيات القرآن الكريم وقد وقفت الدراسة في المبحث الثاني من الفصل الأول على الأسباب التي تؤدي إلى التأزم النفسي سواء على المستوى الفردي أو الاجتماعي أو التنظيمي الإداري، خاصة التأزم النفسي أثناء الدعوة إلى التوحيد وتسفيه أحلام المشركين ومحاولات إخراجهم من الظلمات إلى النور، وإبراز الأزمات التي يعاني منها الداعية إلى الله سواء كانت أسباب خارجية وظيفية أو داخلية شخصية ، كذلك التعريج على مراحل التأزم النفسي أثناء استغراق الداعية في دعوته وتحمله الأذى من معارضيه ثم المرحلة الحرجة المهلكة للقوم وعذابهم . ثم إبراز مظاهر التأزم النفسي في الفصل الثاني التي تحدثتُ خلالها عن الحزن والغضب واليأس الذي يظهر على الدعاة ،نتيجة تكذيب قومهم لهم، وتولي المدعويين عن دين الله، وبقائهم على شركهم وكفرهم دون استجابة، وتفسير الآيات الدالة على هذه العلامات بما يخدم الموضوع بقدر المستطاع، ثم بيان طرق علاج التأزم النفسي بالتوكل على الله مع الأخذ بالأسباب وأنه سبب للفلاح مع حسن الظن بالله، والصبر على شدة التكليف وعلى الدعوة وأذى القوم، والرجاء بنصر الله ووعده بالخيرات للدعاة ومن سار معهم وعلى دربهم في الدنيا والآخرة. اتبع الباحث المنهج الاستقرائي من خلال جمع الآيات القرآنية ، وكتب التفسير، وكتب علم النفس التي تخدم الدراسة ، ثم المنهج التحليلي الاستنباطي ، هذا وقد وقفت على أهم النتائج لهذه الدراسة وهي : اهتمام القرآن بالحالة النفسية لدى الداعية والمدعو، وإظهار حالات التأزم النفسي من أجل الاستعداد والتعبئة الأولية عند الداعية ، من أجل الاستعداد لتحمل مشاقّ الدعوة ، ثم التسلح الكامل بالعلم ، أو المشي في الدعوة إلى الله مع مجموعة متكاملة من العلماء ، للاستعانة بهم عند غموض بعض المفاهيم أثناء محاورة الكفار . وعدم ملل أو نكوص الداعية من دعوته إلى نهاية العمر ، وأن ما يظهر على الداعية من حزن وغضب ويأس هي مظاهر طبيعية عند جميع البشر ومنهم الأنبياء ، ثم إيجاد العلاج الفعّال لحالات التأزم النفسي عند الدعاة إلى الله ، بالتوكل ، والصبر ، والرجاء .