"دور المرأة في مصر خلال العصر المملوكي الأول (648-784هـ/1250-1382) "دراسة تحليلية"

تهدف هذه الدراسة إلى تقديم صورة شاملة عن دور المرأة في الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمرأة خلال العصر المملوكي الأول (648-784هـ/1250-1382م)، والدور الذي لعبته المرأة المملوكية في كافة المجالات، إذ نتج عن هذا الدور آثاراً إيجابية وأخرى سلبية على المجتمعات في ذلك الوقت. حيث كان لبعض النساء المملوكيات أثر واضح في تقوية أسس ومقاليد الدولة ودعم أركانها، في حين كان للبعض الآخر أثر واضح وكبير في إضعاف الدولة وانهيارها. ويظهر هذا جلياً من خلال حكم السلاطين إن كانوا من الأقوياء أو من الضعفاء، لذلك برز دورهن في حالة حكم السلاطين الضعاف. لقد حُظيت المرأة بمكانة مرموقة في المجتمع الإسلامي بشكل عام وفي المجتمع المصري على وجه الخصوص، وشكَّلت منعطفاً مهماً في تطور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية. كذلك فإن المرأة في العصر المملوكي الأول تعتبر من الموضوعات المهمة التي تستحق الدراسة والبحث، سيما وأن الدولة المملوكية ولدت من خلال مخاض عسير وصراع مرير على السلطة، مما أدى إلى قيام المرأة المملوكية بممارسة دوراً بارزاً في النواحي السياسية وفي الحياة العامة بشكل عام؛ إذ تركت بصمات واضحة في تطور الأحداث. تتكون هذه الدراسة من تمهيد وثلاثة فصول رئيسة وأخرى فرعية، فضلاً عن المقدمة والخاتمة وقائمة المصادر والمراجع. وفي الفصل التمهيدي تم تسليط الضوء على أهمية المجتمع الإسلامي وكيفية تدخل بعض العناصر الأجنبية في الحكم من أتراك وفرس وغيرهم، بالإضافة إلى بروز دور النساء في الحكم وقيادة الدولة للحد من نفوذ التدخل الأجنبي. في حين تناول الفصل الأول المعنون بـ "دور المرأة في الحياة السياسية في العصر المملوكي الأول " البحث في دور أمهات وزوجات السلاطين في الحياة السياسية من أمثال شجر الدر التي كان لها دور قيادي كبير في الحياة السياسية، إذ كانت تؤدي دوراً كبيراً في الدولة وإدارة زمام الأمور. حتى أنه بعد وفاة زوجها وتوليها السلطة لفترة قصيرة نسبياً إلا أنها كانت الأساس في مجريات الأحداث في ذلك الوقت، كما كان للسيدة أشلون خاتون تأثيراً في الحكم، أما السيدة طغاي أم أنوك فقد كانت عظيمة منذ أن تزوجت بالسلطان الناصر، حيث برز دورها على الصعيد السياسي، أما السيدة بركة خاتون أم السلطان الأشرف فقد كانت امرأة محل احترام الجميع كونها تحب الناس وتعطف على الفقراء والمحتاجين. وغيرهن العديد من النساء اللواتي لهن الدور البارز والمؤثر في الحياة السياسية والاجتماعية. أما الفصل الثاني فقد تناول دور المرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية حيث كان لها دوراً مميزاً في الوقف الإسلامي، حيث قامت زوجات وأمهات السلاطين بإنشاء العديد من الأوقاف من أجل أن تعود بالنفع على المجتمع ممثلاً بتقديم المهام والمساعدات المادية للناس المحتاجين وبالتالي أصبحت هذه الأوقاف ذات نفع كبير للمجتمع المصري، إذ تنوعت ما بين المساجد وبيوت السكن والحمامات العامة وغيرها. أما المستوى المعيشي للمرأة المملوكية فقد غلب عليه طابع البذخ والترف. فالزواج والمهور واللباس وأدوات الزينة تميزت بالترف الكبير من حيث التجهيز والشراء. أما العادات والتقاليد الاجتماعية فقد كانت متعددة وكان لكل عادة من هذه العادات شكل خاص ومميز من حيث الإعداد والإسراف بشراء مستلزمات تحضير هذه المناسبات. كما تطرقت الدراسة في فصلها الثالث إلى دور المرأة في الحياة العلمية والثقافية، حيث برز دور المرأة في العديد من العلوم مثل علوم القرآن الكريم والحديث والفقه، وعلوم اللغة والأدب والنحو، كما اصبح هناك وجود للمرأة في المنشآت الدينية والخيرية، حيث مارسن دوراً بارزاً في حفظ القرآن والحديث والتلاوة. كما أن المرأة المملوكية برزت في بناء المساجد والبيمارستانات وتحقيق الأوقاف عليها والتي كان لها دور كبير في المجتمع الإسلامي من حيث تقديم الخدمات.