المسؤولية الجزائية عن جرائم القنوات الفضائية : (دراسة مقارنة)

تتناول الدراسة موضوع الجرائم التي يمكن أن تظهر من خلال القنوات الفضائية كونها شخص قانوني حديث الظهور , حيث يمكن للقناة فضائية أن ترتكب من خلال بثها الفضائي العابر للحدود جرائم معينة , أو قد تُرتكب جرائم ذم وقدح من قبل أفراد تابعين أو غير تابعين للقناة الفضائية , وقد يكون ذلك في بث على الهواء مباشرة أو في بث غير مباشر , بل أن البعض يرى شمول أشخاصاً كانوا سبباً في وصول البث المجرم إلى المواطنين فشملوا القمر الصناعي بالمسؤولية كون له إدارة على شكل شركة تتمتع بالشخصية القانونية . وتبرز أهمية هذه الدراسة من حجم تأثير القنوات الفضائية في الحياة اليومية للإفراد والمجتمع ككل وما يمكن أن تساهم هذه القنوات في تحريك الرأي العام حسب رغباتها غير المشروعة أحيانا , لتتمثل الإشكالية بالإجابة على السؤال الرئيسي التالي : كيف يتم منع الإفلات من المسؤولية الجزائية عن الجرائم التي ترتكب من خلال القناة الفضائية , سواء كانت فاعلا , أم وسيلة لفاعلين يرتكبون الجرائم من خلالها ؟ بذلك يتبين أن هناك أشخاصاً كثر ( معنوية وطبيعية ) يمكن أن تساءل جزائياً عن جرائم القنوات الفضائية , وتترتب مسؤوليتهم الجزائية وفق صور عديدة يخصهم بها القانون , فقد يفترض القانون مسؤولية احدهم افتراضاً , باعتباره الشخص المسؤول عن كل ما يبث , أو قد يرتب المسؤولين جزائيا على شكل هرم حسب أهمية دور كل منهم في الجريمة المرتكبة بحيث لا يُسأل احدهم إذا وجد من هو أعلى منه في هرم المسؤولية , وهذا ما يعرف بالمسؤولية المتتابعة أو على التتابع , وأحيانا قد يسأل أشخاصاً منهم بصورة متضامنة فيما بينهم أو قد يسأل احدهم فقط دون الآخرين , وهنا تبرز صور المسؤولية التضامنية والمسؤولية الفردية . إضافة إلى أن هناك صعوبات تعتري المساءلة الجزائية عن جرائم القنوات الفضائية , منها عدم وجود حدود واضحة لحرية الإعلام , وهذه الحدود نسبية زمانياً ومكانياً , وضبطها يتوقف عليه تجريم أو إباحة القول أو الفعل الصادر من خلال القناة الفضائية . وصعوبة أخرى لا تقل أهمية عما ذكر , فحيث أن القنوات الفضائية تبث برامجها لدولٍ عديدة , فان تلك الدول المستقبلة لهذا البث تختلف تشريعاتها القانونية من حيث ما يعد جريمة ومقدار عقوبته واختصاص القضاء الوطني في نظر الجرائم التي تقع بحق مصالحها ومواطنيها ومعالجة الصعوبات القانونية والواقعية التي تعتري تطبيق هذا الاختصاص . بذلك فقد ركزت هذه الدراسة على أشخاص المسؤولية الجزائية عن جرائم القنوات الفضائية , وصور هذه المسؤولية التي يمكن أن تقع بحق كل منهم , في فصل أول . وصعوبات هذه المساءلة والمتمثلة بحدود حرية الإعلام واختلاف التجريم والاختصاص , في فصلٍ ثانٍ , وذلك من خلال التشريعات الأردنية والعراقية , مع خاتمة تضمنت أهم النتائج والتوصيات التي يمكن أن تساهم في معالجة هذه الإشكاليات .