"الأثر المترتب على تكييف حكم التحكيم في التشريع الأردني "

إن تحديد طبيعة حكم التحكيم لها ضرورة قصوى؛ لأنه يتبعها اختلاف بالإجراءات بين حكم التحكيم الوطني وحكم التحكيم الأجنبي لغايات إكساء حكم التحكيم صبغة التنفيذ. ولقد تناولنا في هذه الدراسة المعيار التشريعي المتبع لتكييف حكم التحكيم في التشريع الأردني، والإجراءات المتبعة والجهة المختصة لغايات إكساء حكم التحكيم صبغة التنفيذ فيما إذا كان الحكم وطنيّاً، أو أجنبيّاً. تبرز أهميَة تكييف حكم التحكيم في عمليَة تنفيذه فقد تختلف إجراءات تنفيذ حكم التحكيم تبعاً لما إذا كان الأمر يتعلق بتحكيم وطني أم أجنبي، وقد أخذ المشرّع الأردني بالمعيار الجغرافي لتكييف حكم التحكيم وطنياً كان أم أجنبياً وعليه فإن التحكيم الذي يجري في المملكة يعتبر تحكيما وطنيا ويسري عليه قانون التحكيم الأردني رقم 31 لسنة 2001 وما يجري خارجها يعتبر تحكيماً أجنبياً ويسري عليه بالتالي قانون تنفيذ الأحكام الأجنبيَة رقم 8 لسنة 1952. وفي حالة الخطأ في تكييف حكم التحكيم فإنه يستتبع ذلك إكساء حكم التحكيم صبغة التنفيذ وفقاً لإجراءات غير تلك الواجب اخضاعه لها ومتى أصبح الحكم قطعياً كان واجب التنفيذ بغض النظر عن درجة الخطأ التي أشتمل عليها علماً بأن الخطأ يعتبر سبباً لنقض الحكم من قبل محكمة التمييز باعتباره خطأ بالقانون. وفي حال اعتبار حكم التحكيم وطنياً فإنه يستلزم أن يتوافر به جملة من الشروط الموضوعيَة والشكليَة، وإذا ما توافرت به هذه الشروط يكون عرضه للبطلان، وفي حال صدور حكم التحكيم وفقاً لأحكام قانون التحكيم الأردني فإنه يحوز حجيَة الأمر المقضي به ولا يكون واجب النفاذ إلا بمراعاة الأحكام المنصوص عليها في هذه القانون ويندرج تحت هذه الأحكام تقديم طلب التنفيذ إلى المحكمة المختصة بعد انقضاء موعد رفع دعوى البطلان، أو رد دعوى البطلان في حال رفعها . وإذا اعتبرنا حكم التحكيم أجنبياً فإن المشرّع الأردني لم يجعل أمر تنفيذه مطلقاً دون شروط أو قيود حيث اشترط لإمكانيَة تنفيذه رفع دعوى أمام محكمة البدايَة تسمى دعوى تنفيذ الحكم الأجنبي وتنظر محكمة البدايَة بهذه الدعوى وفقاً لإجراءات الدعوى العاديَة إلا أنه هناك جانب تتميز به هذه الدعوى عن غيرها لا يمكن إغفاله وهو المدى الذي تدقق به محكمة البدايَة في سياق نظرها بها حيث يقتصر دورها على التحقق والتأكد من أن حكم التحكيم الأجنبي أستوفى الشروط الواردة في نص المادة 7 من قانون تنفيذ الأحكام الأجنبيَة والتي يمكن تقسيمها إلى قسمين منها ما يتعلق بمكان الصدور، ومنها ما يتعلق بمكان التنفيذ، دون أن تتعرض لحكم التحكيم من حيث الموضوع. وأهم ما يمكن قوله أنه في إخضاع التحكيم - وطنيّاً كان أم أجنبيّاً - لإجراءات موحدة لغايات التنفيذ لما فيه من الفوائد العمليَة والقانونيَة الكثير ومن أهمها، عدم الحاجة إلى اللجوء إلى تكييف التحكيم والصعوبات التي تعتلي هذا الموضوع و دون إغفال أن ذلك ينسجم مع حكمة الاتفاقيات الدوليَة التي نادت بإخضاع أحكام التحكيم الصادرة في دولة متعاقدة إلى ذات المعاملة لأحكام التحكيم الصادرة في دولة التنفيذ.