"مشروعية استخدام المجتمع الدولي للقوة لحماية السكان في إطار مبدأ المسؤولية عن الحماية"

تتناول هذه الدراسة إشكالية العلاقة القائمة بين السيادة القومية للدولة كفكرة دفاعية عن سلامة ترابها الوطني من التدخلات الخارجية وفكرة مسؤولية الحماية من جهة أخرى للحد من الانتهاكات الجسيمة بحق السكان حيث تتجلى هذه الإشكالية اليوم بعد التحولات الدولية التي طرأت على النظام العالمي الجديد بعد انتقال العالم من الثنائية القطبية إلى الأحادية القطبية ,وبعد إن كنا نتحدث عن مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسلطان الداخلي للدول . فان الجهود الدولية بعد الحرب العالمية الثانية وخصوصا في أعمال الأمم المتحدة على المستوى الدولي بشان ضمان وتنفيذ الحماية إزاء الانتهاكات بحق الإنسان ,فالقوة المطلقة للسيادة والاحتجاج فيها والسلطان الداخلي, قد تراجعت كتبرير إلى الحد الذي أصبحت فيه الأمم المتحدة ممثلة للمجتمع الدولي . إن السيادة في جوهرها أداة لتنظيم العلاقات الدولية بين الدول وليس حق لفرض الإرادة المنفردة على الآخرين وبذلك يمكن إزالة أي غموض أو انتقاص بين مفهوم السيادة والالتزام بالقواعد الدولية ,وتقع على عاتق الدولة مسؤولية دائمة عن حماية سكانها من الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والتطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية فالسيادة لا تعد رخصة للقتل ولا يحق لأي دولة إن تتنازل عن حماية شعبها وهو ما التزمت فيه الدول ويجب عليها تنفيذ هذا الالتزام . وان الأخذ بمبدأ السيادة لا يمكن يبرر هذه الجرائم وعلى هذا الأساس كان من نتيجة الإحداث الذي شهدها العالم خلال العقد الأخير من القرن الماضي وأوائل القرن الحالي ظهور الكثير من الإحداث الدولية وتحول السيادة من المطلقة إلى السيادة المسئولة وهنا هل بقيت السيادة توفر حماية حصرية للدول من التدخل في شؤونها الداخلية . وبناءا على ما تقدم ومما لا شك فيه فان مسؤولية الدول عن الإساءة بحق شعوبها أصبحت مسؤولية دولية ولا تقتصر على الدول نفسها وهذا ما حدث في بعض الدول العربية ,فلا بد إن يكون للأمم المتحدة دور أساسي وفاعل في هذه المسؤولية التي لا تتعارض مع السيادة واعتبارها واجب محلي ودولي . ومن هنا تبرز أهمية هذه الدراسة فقد أثار موضوع التدخل الدولي بشكليه الشرعي وغير شرعي اهتمامي للبحث فيه وخاصة بعد مؤتمر الألفية لعام 2005م ,بعد أن حل موضوع التدخل من اجل الحماية وخاصة الوضع في ليبيا وسوريا ,وباعتبار أن التدخل الدولي ومسؤولية تنفيذ الحماية من أهم مواضيع القانون الدولي رأيت من الضروري أن اخصص فصلا تمهيديا للسيادة من حيث الماهية والتطور التاريخي, وفصلا عن التدخل واستخدام المجتمع الدولي للقوة ,وفصلا ثانيا عن مسؤولية تنفيذ الحماية .