أحكام خيار تخلف الشرط : دراسة فقهية مقارنة

تعد الخيارات من أهم أبواب المعاملات المالية لتعلقها بنظرية العقد التي هي أساس تنظيم التعاملات المالية، ولقد كان الاهتمام بهذا الباب كبيرا، إلا أن هناك نوعا من الخيارات لم يتم التطرق إليه بشكل كاف وهو: خيار تخلف الشرط. حاول الباحث دراسة هذا النوع من الخيارات وتشكيل نظرة متكاملة عنه، بحيث حاول ضبط كافة جزئياته ومعالجة أغلب مسائله، فبدأ البحث بتوضيح لماهية خيار تخلف الشرط من خلال تعريف اصطلاحات الدراسة والمتمثلة أساسا في مصطلح الخيار والشرط ومصطلح خيار تخلف الشرط. كما تطرق الباحث إلى تعريف خيار تخلف الشرط وإلى أهم خصائصه، وكان لهذا أثر على تحديد ما يندرج ضمن هذا النوع من الخيارات وما يخرج منه، فخيار العيب مثلا لا ينتمي إلى خيار تخلف الشرط، وإن كان في الأصل قد ثبت لفوات شرط ضمني في العقد، إلا أنّ هذا الشرط ليس شرطا حقيقيا، فهو من مقتضى العقد، والشرط الحقيقي هو ما كان زائدا على مقتضى العقد. وقد قسّم الباحث الشروط إلى قسمين، وخصّ كل قسم بمبحث خاص لدراسة حكمه، وهما: الشرط الصحيح والشرط الباطل غير المبطل، والشرط الصحيح ضبطه الباحث بضابطين؛ وجعل كلا منهما نوعا مستقلا له حكمه الخاص؛ فالأول: هو الشرط الذي لا يمكن الإجبار عليه، وسبب ذلك يرجع إلى أحد أمرين: إما لكون الشرط غير لازم في أصله، أو لتعذّر الوفاء به، وتوصل الباحث إلى أنّ هذا النوع من الشروط محل اتفاق بين الفقهاء، أما النوع الثاني: فهو الشرط الذي يمكن الإجبار عليه، وهي كل الشروط ما عدا الشروط التي يتحقق فيها أحد السببين السابقين، وهذه محل خلاف بين الفقهاء. أما بالنسبة للشروط الباطلة غير المبطلة، فحسب ما توصل إليه الباحث، فإنّ جلّ الفقهاء لم يشِيروا إلى مدى ثبوت الخيار بتخلف الشرط الباطل غير المبطل من عدمه، باستثناء الحنابلة فقد صرّحوا بثبوت الخيار لمن تخلّف شرطه الباطل غير المبطل. ثم تناول الباحث مسألة الشرط الضمني وحكم تخلفه ممثلة في التدليس الفعلي، ووجد أن الفقهاء متفقون على ثبوت الخيار به باستثناء الحنفية. كما تناول الباحث بالدراسة في الفصل الثالث والأخير شروط قيام خيار تخلف الشرط عموما، وخص التدليس ببعض الشروط، نظرا لخصوصية شرطه الذي هو ضمني. فإذا تحققت الشروط السابقة وغيرها، كان الخيار موجودا، لكن لابدّ للفسخ لكي يكون صحيحا أن تتوافر شروط أخرى، أدرجها الباحث ضمن شروط صحة الفسخ. وتطرق البحث إلى مؤونة الرد على من تكون؟ كما تناول أثر هذا الخيار، وهو لا يختلف عن أثر خيار العيب، وتطرق أيضا إلى موانع الرد والتي يسقط بها الحق في الفسخ ويثبت الأرش، كتلف المعقود عليه، أو حصول زيادة به. وتوصل الباحث إلى أنه لا يوجد اختلاف بين خيار تخلف الشرط في نطاقه من حيث العقود ولا من حيث المدة عن خيار العيب، إلا أن الباحث رأى في المدة: أن الشرط إذا كان مما يُرجى تحققه في المستقبل، كأن كان شرط عمل مثلا، وكان تخلفه لامتناع البائع، فللمشتري حينها تأجيل الفسخ إذا ظنّ إمكانية وفاء البائع بالشرط مستقبلا، ولا يكون الفسخ على الفور في هذه الحالة. كما أن هذا الخيار لا يختلف من حيث مسقطاته وانتقاله عن خيار العيب أيضا