وصف الطبيعة في شعر ابن الرومي : دراسة تحليلية

في نظرة متأنية لشعر ابن الرومي تتجلى لنا حقيقة؛ وهي أن شعره يتسم بتصوير الطبيعة المبهرة، بل لا تخلو قصيدة من قصائده من صور الطبيعة، ولا يخلو نص واحد من نصوصه الشعرية من وصف الطبيعة الفاتنة، فهي مرسومة في كل موضوع من موضوعات شعره. كانت الطبيعة بالنسبة له متكأً للموضوعات الأخرى؛ فإذا وصف اتكأ على الطبيعة، وإذا تغزل استثمر الطبيعة ووظفها لغزله، بل حتى في حنينه للذكريات الماضية اتكأ على الطبيعة، وإذا هجا جعلها كالمسند الذي يستند عليه، أما إذا مدح فلا يوجد مثيل للطبيعة للأخذ منها والاستقاء من جمالها، كما كانت مواسيًا له في أحزانه وأوجاعه وآلامه. كانت الطبيعة عند ابن الرومي؛ وسيلة للغوص في موضوعات إنسانية متعددة؛ فهي ركيزة أساسية في شعره، كما هو الحال بالنسبة لكثير من الشعراء في ذلك، ولكن شاعر هذه الدراسة هو من الشعراء العباسيين السباقين باستثمارها وتوظيفها في نتاجه الشعري. وفي ضوء هذه الأهميّة، حاولت هذه الدراسة مُتابعة الطبيعة في شعر ابن الرومي، والملاحظ أن الطبيعة عامة حظيت باهتمام بالغ من الشعراء، فكان هذا دافعاً لدراسة المنجز الشعري له، إذْ وجدَ الباحث في شعره نماذج قيمة تستحق الدراسة وتفي بالغرض المطلوب، وتغطي مساحته، واقتضت طبيعة البحث أن يكون في مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول؛ تبين من خلالها أن الطبيعة استلهمت قريحة ابن الرومي، وتمثلت في صور متعددة، وتبين في البحث مدى تأثر الشاعر بالمكان الذي ولد وعاش فيه، ومدى تأثره بالحياة الأدبية والعلمية والثقافية في تلك المدة، حيث كانت بغداد منارة العلم والأدب للعالم كله، مما أثر كثيراً في نتاجه الفني وبراعته الشعرية وبلاغته الأدبية.